محمد صلاح: فرعون الكرة الذي غزا أوروبا

محمد صلاح: فرعون الكرة الذي غزا أوروبا

في عصرٍ يزدحم بالنجوم اللامعين، استطاع شاب من قرية صغيرة على ضفاف النيل أن يكتب اسمه بين كبار اللعبة، لا بالضجيج، بل بالعزيمة والإصرار والسحر الهادئ. إنه محمد صلاح، اللاعب الذي أعاد رسم خريطة أحلام اللاعبين العرب، وجعل من اسمه علامة عالمية تُكتب بالأهداف، وتُقرأ بالإعجاب.

من نجريج إلى النجومية

ولد محمد صلاح في 15 يونيو 1992 بقرية “نجريج” في محافظة الغربية بمصر. هناك، حيث الحقول أوسع من الشوارع، كانت الكرة هي الملاذ الأول لهروب الطفل الصغير من ضيق المكان إلى اتساع الحلم.

لم يكن الطريق معبّداً:

  • تنقل يومياً بين بلدته ومدن أخرى ليتدرب
  • قضى ساعات طويلة في المواصلات
  • خسر سنوات دراسية، لكنه لم يخسر حلمه

صلاح كان منذ البداية يعرف: “من لا يُضحّي، لا يصل”.

المقاولون: أول خطوة على سلم المجد

انطلقت مسيرة صلاح الاحترافية من نادي المقاولون العرب. وفي دوري صعب مثل الدوري المصري، لمع اسمه بسرعة بسبب سرعته الخارقة، ومهاراته الفردية. لكن الأهم: ذكاؤه التكتيكي رغم صغر سنه.

وما إن تجاوز عمر الـ19، حتى التقطته أعين أوروبا، وتحديداً من سويسرا.

بازل: الانفجار الهادئ

في 2012، انتقل صلاح إلى بازل السويسري، وهناك كانت المرحلة الأولى من تأقلمه مع الكرة الأوروبية.
سجل، تألق، وأبهر الجميع في مواجهات ضد تشيلسي وتوتنهام. ما يميز تلك المرحلة:

  • تطور بدني ملحوظ
  • وعي تكتيكي أكبر
  • جرأة على مواجهة الكبار

وهو ما لفت أنظار تشيلسي، الذي تعاقد معه في 2014.

تشيلسي: السقوط الضروري

ربما كانت تجربة صلاح مع تشيلسي هي الأكثر قسوة، لكنها كانت الأهم. لم يحصل على فرص حقيقية، وقضى معظم وقته على الدكة. لكن بدلًا من الاستسلام، اختار الطريق الأصعب: الإعارة للعودة أقوى.

انطلق إلى فيورنتينا ثم روما… وهناك، تفجّر.

روما: النضج الكامل

في العاصمة الإيطالية، أصبح صلاح لاعبًا متكاملًا:

  • جناح يُسجّل ويصنع
  • يجمع بين السرعة والقرار الصحيح
  • يُرعب المدافعين بانطلاقاته

مع روما، وصل إلى أرقام مزدوجة في الأهداف والصناعة، مما أعاده إلى رادار كبار أوروبا. وكانت لحظة العودة الكبرى من بوابة ليفربول.

ليفربول: ولادة الأسطورة

حين تعاقد ليفربول مع محمد صلاح في 2017، لم يكن أحد يتوقع أن يتحوّل إلى أسطورة حقيقية للنادي خلال موسم واحد فقط.
وفي أول موسم له، سجّل 44 هدفًا في كل البطولات، محطمًا أرقامًا تاريخية.

صلاح في ليفربول ليس مجرد نجم، بل:

  • ماكينة أهداف
  • رمز انضباط
  • لاعب كبير في المباريات الكبيرة

حقق مع الفريق:

  • دوري أبطال أوروبا 2019
  • الدوري الإنجليزي 2020
  • كأس العالم للأندية
  • السوبر الأوروبي
  • كأس الاتحاد وكأس الرابطة

أسلوب اللعب: عبقرية في البساطة

صلاح ليس المراوغ الكلاسيكي، ولا اللاعب البهلواني، بل:

  • ينطلق بسرعة صاروخية
  • يختار زاوية التسديد في أقل من ثانية
  • يُراوغ بجسده أكثر من قدميه
  • لا يحتاج لفرصة ثانية ليسجل

إنه لاعب يعرف أن القرار السريع هو أقوى سلاح هجومي في كرة القدم الحديثة.

صلاح والهوية: أكثر من لاعب

ما يجعل محمد صلاح مختلفًا أنه لم ينسَ أبدًا من أين أتى.

  • يُساعد قريته
  • يُمثل بلده بكرامة
  • يتحدث بتواضع
  • أصبح قدوة حقيقية للملايين

وهو ما جعله واحدًا من أكثر الشخصيات العربية تأثيرًا عالميًا، وليس فقط رياضيًا.

التحديات المستمرة

رغم الإنجازات، ما زال صلاح يُقاتل كل موسم:

  • ضغط الإعلام الإنجليزي
  • غياب الدعم العربي الإعلامي أحيانًا
  • المقارنات الدائمة مع ميسي ورونالدو

لكنه يُثبت دائمًا أن الاستمرارية هي لغة الكبار، وأن النجومية لا تُقاس بالضجيج، بل بالأداء المستمر عامًا بعد عام.

الختام: اللاعب الذي غير المعادلة

محمد صلاح لم يكن مجرد لاعب عربي ناجح في أوروبا… بل:

  • أول عربي يتوّج بلقب الهداف 3 مرات في البريميرليغ
  • الأكثر تسجيلًا لليفربول في دوري الأبطال
  • أول نجم عالمي يأتي من بيئة ريفية بسيطة ويُنافس على جوائز الكرة الذهبية

هو الفرعون الحقيقي، لا لأنه قادم من مصر، بل لأنه حوّل المستحيل إلى واقع، والمستقبل إلى طريق مفتوح لكل من يؤمن بنفسه.

مقالات ذات صلة