نيمار جونيور: موهبة العصر بين المجد والجدل

نيمار جونيور: موهبة العصر بين المجد والجدل

في عالم كرة القدم، هناك لاعبون يُدهشونك بأرقامهم، وآخرون يبهرونك بمهاراتهم… لكن قلّة فقط من يملكون الكاريزما والسحر والفوضى في الوقت نفسه.
ونيمار دا سيلفا سانتوس جونيور، أو ببساطة نيمار، كان ذلك النجم اللامع الذي لا يمكن تجاهله.

من ملاعب سانتوس في البرازيل إلى باريس، مرورًا بكامب نو، رسم نيمار مسارًا فنيًا قلّ نظيره… لكنه أيضًا أثار الكثير من التساؤلات:
هل حقق نيمار فعلاً ما كانت موهبته توعد به؟ أم أنه ضحية اختيارات خاطئة وظروف معقدة؟

البدايات: الطفل الذي أذهل البرازيل

وُلد نيمار في 5 فبراير 1992 في موغي داس كروزس، إحدى ضواحي ساو باولو، في عائلة فقيرة نسبيًا.
منذ الصغر، أظهر موهبة خارقة في المراوغة واللعب بالكرة. انضم إلى أكاديمية سانتوس بعمر 11، وسرعان ما أصبح النجم الأول للنادي وهو في سن 17.

حقق مع سانتوس:

  • كأس ليبرتادوريس 2011
  • الدوري البرازيلي 3 مرات
  • وسجّل أكثر من 130 هدفًا قبل بلوغه الـ21

وأصبح رمزًا لنهضة الكرة البرازيلية بعد فترة ركود، حتى أن البعض شبّهه بـ بيليه في بدايته.

برشلونة: بين عبقرية ميسي ومجد MSN

في 2013، انتقل نيمار إلى برشلونة في صفقة أثارت جدلًا قانونيًا كبيرًا، لكنها كانت الخطوة التي نقلته من “موهبة محلية” إلى “نجم عالمي”.

في كتالونيا، كوّن ثلاثيًا مرعبًا مع:

  • ليونيل ميسي
  • لويس سواريز

الثلاثي MSN دمّر الدفاعات الأوروبية، وحقق مع الفريق:

  • دوري أبطال أوروبا 2015
  • الليغا مرتين
  • كأس الملك 3 مرات

وسجّل نيمار 105 أهداف في 186 مباراة بقميص برشلونة، وكان مرشحًا ليكون خليفة ميسي في قيادة الفريق.
لكن الطموح الشخصي دفعه إلى المغادرة.

باريس سان جيرمان: الصفقة التي غيّرت تاريخ السوق

في صيف 2017، فجّر نيمار مفاجأة كروية كبرى بانتقاله إلى باريس سان جيرمان مقابل 222 مليون يورو – أكبر صفقة في التاريخ حتى اليوم.

قال وقتها:

“أردت الخروج من ظل ميسي، وبناء تاريخي الخاص.”

مع باريس، فاز نيمار بكل شيء محليًا:

  • الدوري الفرنسي عدة مرات
  • كأس فرنسا وكأس الرابطة
  • وصل إلى نهائي دوري الأبطال 2020

لكن الإصابات، والسلوك المثير للجدل، وغياب الانضباط، حالوا دون تحقيق الحلم الأوروبي.
حتى أن جماهير باريس بدأت تفقد ثقتها فيه، خاصة بعد توالي إصاباته في أهم مراحل الموسم.

كأس العالم: حلم لم يتحقق

شارك نيمار في 3 نسخ من كأس العالم (2014 – 2018 – 2022)، لكنه لم يحقق اللقب الذي كان يحلم به منذ الصغر.

مونديال 2014:

  • تألق مبهر، قبل إصابة مروعة في الظهر أمام كولومبيا
  • غيابه أثّر على البرازيل، التي انهارت 1-7 أمام ألمانيا في نصف النهائي

مونديال 2018:

  • أداء متواضع، واتهامات بالتمثيل
  • خرجت البرازيل من ربع النهائي ضد بلجيكا

مونديال 2022:

  • سجل هدفًا رائعًا أمام كرواتيا
  • البرازيل خرجت بركلات الترجيح، ونيمار لم يسدد في الركلات الخمس!

ورغم كل شيء، هو ثالث أفضل هداف في تاريخ منتخب البرازيل، بعد بيليه ونيفكر أنه تخطاه مؤخرًا.

الإصابات… العدو الأكبر

ربما لم يُحطّم شيء مسيرة نيمار مثل الإصابات المتكررة.
منذ 2017، غاب عن:

  • نصف مباريات دوري الأبطال بسبب الإصابات
  • أكثر من 100 مباراة مع باريس
  • مباريات حاسمة للمنتخب في الكوبا والمونديال

الإصابات أثّرت على لياقته، واستمرارية مستواه، وأحيانًا حتى سمعته.

النضج المتأخر والانتقال إلى الهلال

في صيف 2023، انتقل نيمار إلى نادي الهلال السعودي، في خطوة وصفها البعض بأنها “نهاية مبكرة”، بينما رأى آخرون أنها “فرصة لتجديد التحدي”.

نيمار قال حينها:

“أتيت لصنع التاريخ هنا أيضًا، السعودية ليست استراحة، بل مشروع.”

لكنه أُصيب بقطع في الرباط الصليبي بعد أشهر فقط، ليغيب عن الملاعب طويلًا ويثير الشكوك حول قدرته على العودة لمستواه.

هل خان نيمار موهبته؟

هذا هو السؤال الذي يطرحه كثيرون.

نيمار يمتلك:

  • موهبة فطرية نادرة
  • قدرة مراوغة لا تتكرر
  • رؤية ثاقبة وكرات حاسمة
  • شخصية كارزمية جاذبة للأنظار

لكنه عانى من:

  • ضعف الانضباط
  • قرارات غير موفقة
  • اهتمام زائد بالحياة خارج الملعب
  • الإصابات الحاسمة في أهم لحظات مسيرته

الإرث: كيف سيُذكر نيمار؟

رغم كل الانتقادات، يبقى نيمار:

أحد أكثر لاعبي جيله موهبة
رمزًا للكرة البرازيلية في القرن 21
ثالث هدّاف في تاريخ بلاده
بطل دوري أبطال أوروبا
وأيقونة تجارية وشعبية هائلة

لكنه أيضًا رمز لما يمكن أن يكون عليه اللاعب… لو اختار طرقًا أكثر انضباطًا.

كلمة أخيرة:

“نيمار هو المتعة، الفوضى، العبقرية، والدراما… هو اللاعب الذي لم يترك أحدًا محايدًا تجاهه.”
سواء أحببته أم لا، لا يمكنك إنكار أن نيمار كتب اسمه في تاريخ كرة القدم بمدادٍ لا يُمحى.

مقالات ذات صلة