من جبال البليدة الهادئة إلى صخب الملاعب الأوروبية، كتب يوسف عطال اسمه بين أفضل الأظهرة الذين عرفتهم الكرة الجزائرية. لاعب جمع بين المهارة والسرعة، وبين الجرأة والانضباط التكتيكي.
النشأة والبدايات في الجزائر
وُلد يوسف عطال في 17 مايو 1996 بمدينة بوينان بولاية البليدة، الجزائر.
منذ صغره، عُرف بشغفه الكبير بكرة القدم، وكان يلعب في الشوارع قبل أن يلتحق بأكاديمية نادي بارادو، أحد أبرز مراكز تكوين اللاعبين في الجزائر.
مع أكاديمية بارادو:
- تلقى تكوينًا تقنيًا عاليًا
- تطوّر في اللعب السريع والتمريرات الدقيقة
- أصبح ظهيرًا أيمن هجومي الطابع، يتقن الصعود والمراوغة
بفضل نظام التدريب الحديث الذي يتّبعه بارادو، لفت عطال أنظار المتابعين بسرعة.
الإقلاع نحو أوروبا: من بارادو إلى كورتريجك
في 2017، انتقل يوسف عطال إلى نادي كورتريجك البلجيكي على سبيل الإعارة، في أول تجربة احترافية أوروبية له.
ورغم قلة مشاركاته (5 مباريات فقط)، إلا أن موهبته كانت واضحة، ما دفع كشافي الأندية لمراقبته.
لاحقًا، جاء العرض الذي غيّر مسيرته…
نيس الفرنسي: المكان الذي تفجّرت فيه موهبته
في صيف 2018، وقّع عطال مع نادي نيس الفرنسي في صفقة بلغت نحو 3.5 مليون يورو.
مع نيس:
- تألق بشكل لافت في أول موسم له
- أصبح أحد أفضل الأظهرة في الدوري الفرنسي (Ligue 1)
- سجل أهدافًا جميلة، خاصة “الهاتريك” الشهير ضد غانغان
- تفوّق في السرعة والمراوغة والاختراق من الجناح
صحيفة L’Équipe وصفته بـ”الجناح المتخفي في زي ظهير”.
كان لاعبًا لا يُتوقّع… لا يدافع فقط، بل يبني الهجمة وينهيها أحيانًا بنفسه!
مع المنتخب الوطني: أحد أبطال أمم إفريقيا
انضم عطال إلى المنتخب الجزائري الأول عام 2017، وأثبت نفسه بسرعة.
في كأس أمم إفريقيا 2019 في مصر:
- شارك بشكل أساسي في معظم المباريات
- تألق بشكل لافت على الجهة اليمنى
- لكن… أصيب في نصف النهائي ضد نيجيريا، وغاب عن النهائي
- رغم ذلك، ساهم بقوة في تتويج “الخضر” باللقب القاري الثاني في تاريخهم
عطال كان من العناصر التي أعادت للمنتخب الجزائري طابعه الهجومي من الأطراف.
الإصابات: لعنة عطّلت مسيرة صاروخية
منذ موسم 2019-2020، بدأ عطال يعاني من سلسلة إصابات مزعجة، أبرزها:
- إصابات عضلية متكررة
- تمزقات على مستوى الفخذ والركبة
- غيابات طويلة أثّرت على استقراره مع نيس والمنتخب
هذه الإصابات حرمته من الانضمام لعدة معسكرات مهمة، وكانت سببًا في تراجع الاهتمام به من الأندية الكبرى.
لكن رغم كل ذلك، كلما عاد… أثبت أنه لا يزال يتمتع بلمسة فنية وسرعة خارقة.
أسلوب اللعب: ظهير هجومي بمواصفات الجناح
ما يميز يوسف عطال:
- سرعة عالية جدًا
- مراوغات قصيرة (1 ضد 1)
- قدرة على التسديد بالقدم اليمنى بدقة
- قراءة جيدة للهجمات
- شراسة دفاعية متطورة رغم طابعه الهجومي
يُشبهه البعض بأسلوب “أشرف حكيمي” و”داني ألفيش” في أوج عطائهما.
الانتقال إلى الدوري التركي
في 2024، وبعد سنوات من عدم الاستقرار في نيس، انتقل يوسف عطال إلى أضنة دمير سبور التركي، باحثًا عن انطلاقة جديدة.
في تركيا:
- وجد مساحة للعب بشكل منتظم
- بدأ يستعيد مستواه البدني تدريجيًا
- نال دعمًا كبيرًا من الجماهير الجزائرية والعربية
الهدف من هذه الخطوة؟ استعادة الثقة… والعودة بقوة إلى المنتخب الوطني.
الجدل القانوني في فرنسا
في 2023، مرّ عطال بأزمة قانونية في فرنسا بسبب نشره محتوى اعتُبر مسيئًا على وسائل التواصل الاجتماعي.
- تم إيقافه من قبل نادي نيس مؤقتًا
- خضع لتحقيقات قضائية
- قدم اعتذارًا رسميًا وأكد احترامه لجميع الأديان
ورغم تأثير هذه الحادثة على صورته في الإعلام الفرنسي، فقد تلقى دعمًا من الجماهير الجزائرية.
هل يمكن أن يعود عطال لمستواه العالمي؟
رغم التراجع النسبي بسبب الإصابات، لا يزال عمر عطال 28 سنة فقط، وهو في سن النضج الكروي.
- يملك كل المؤهلات للعودة للأضواء
- لا تنقصه المهارة أو التجربة
- فقط يحتاج للاستمرارية والثقة
ويأمل محبوه أن يكون حاضرًا في الاستحقاقات القادمة للمنتخب، وعلى رأسها تصفيات كأس العالم وكأس إفريقيا 2025.
الخلاصة: نجم لم يُكتب الفصل الأخير من قصته بعد
يوسف عطال هو صورة للاعب العربي المجتهد، الذي شق طريقه بصعوبة ووصل إلى القمة… ثم واجه مطبّات لم تكسره، بل صقلته.
قصته لم تنتهِ بعد… وربما القادم سيكون أجمل.