سفيان أمرابط: قلب الأسود النابض بين العنف التكتيكي والهدوء العقلي

سفيان أمرابط: قلب الأسود النابض بين العنف التكتيكي والهدوء العقلي

في قلب معركة منتصف الميدان، حيث تُبنى الانتصارات وتُجهض الهجمات، يظهر رجل لا يتردد في التدخل، لا يتراجع في الالتحام، ولا يتعب من الجري: سفيان أمرابط.

ليس مجرد لاعب وسط دفاعي تقليدي، بل هو رجل المهام القذرة، اللاعب الذي يجعل من الآخرين نجوماً لأنه يتكفّل بكل ما لا يظهر في الإحصائيات.
وفي كأس العالم 2022، تحوّل من “لاعب مجهول خارج إيطاليا” إلى أحد أبرز المحاور في العالم.

النشأة: جذور مزدوجة وهوية واحدة

ولد سفيان أمرابط يوم 21 أغسطس 1996 في مدينة هويزن بهولندا لعائلة مغربية مهاجرة.
شقيقه الأكبر، نور الدين أمرابط، لعب دورًا مهمًا في مسيرته، سواء كنموذج يُحتذى به أو كشخصية داعمة في الخلفية.

رغم نشأته الأوروبية، اختار سفيان تمثيل المغرب عن قناعة، وقال مرارًا:

“قلبي مغربي، كنت أعرف أنني سأرتدي القميص الوطني يومًا ما.”

البدايات الكروية: من أوتريخت إلى فينورد

بدأ مسيرته الاحترافية مع أوتريخت الهولندي، حيث أظهر نضجًا مبكرًا في اللعب، وتميز بـ:

  • ذكاء تكتيكي
  • قوة بدنية
  • تمركز ممتاز

انتقل بعدها إلى فينورد روتردام، أحد أعرق أندية هولندا، وهناك بدأت الأندية الأوروبية تراقبه، لكنه لم ينفجر بعد.

النقلة إلى إيطاليا: اكتشاف العمق التكتيكي

في 2019، وقّع مع هيلاس فيرونا، وهناك بدأت ملامح لاعب من الطراز العالمي في التشكّل.
ومع المدرب إيفان يوريتش، تحوّل إلى أحد أفضل محاور الدوري الإيطالي، ثم انتقل إلى فيورنتينا عام 2020.

في الكالتشيو، طور أمرابط عناصر مهمة في شخصيته:

  • الصرامة الدفاعية
  • اللعب تحت الضغط
  • التعامل مع المساحات
  • نقل الكرة من الدفاع للهجوم بدقة

كأس العالم 2022: من الظل إلى النجومية

دخل سفيان أمرابط مونديال قطر 2022 كلاعب غير معروف لكثير من الجماهير، وخرج منه كـ”وحش خط الوسط” بلا منازع.

أبرز ما فعله في البطولة:

تعقّب كل هجمة خطيرة
أغلق المساحات أمام كبار لاعبي أوروبا
سيطر على خط الوسط أمام إسبانيا والبرتغال وفرنسا
العب رغم إصابته في الظهر في بعض المباريات!

وكانت لقطة انزلاقه البطولية أمام كيليان مبابي في نصف النهائي إحدى أكثر اللقطات تداولاً في البطولة، وجسّدت شخصيته القتالية.

نال إشادة واسعة من:

  • مدربين كبار
  • أساطير كرة
  • الصحافة الأوروبية

ووُصف بأنه “قلب منتخب المغرب النابض“.

انتقاله إلى مانشستر يونايتد: طموح أم تجربة معقدة؟

في صيف 2023، انضم سفيان إلى مانشستر يونايتد على سبيل الإعارة من فيورنتينا، بعد مفاوضات طويلة.
لكن التجربة لم تكن مثالية:

  • تغييرات متكررة في التشكيلة
  • مشاكل دفاعية في الفريق
  • إصابات مزمنة
  • غياب عن مركزه المفضل أحيانًا

ورغم بعض اللمحات الجيدة، إلا أن سفيان لم يظهر بالصورة التي اعتاد الجمهور عليها، وخرج من الموسم بتقييم متوسط، في انتظار حسم مستقبله صيف 2025.

الشخصية داخل وخارج الملعب

بعيدًا عن الكرة، يُعرف أمرابط بـ:

  • التواضع والهدوء
  • الانضباط في التدريبات
  • حبه لتمثيل بلده
  • قربه من الجماهير

ورغم أنه قليل الظهور إعلاميًا، إلا أن تصريحاته غالبًا ما تكون قوية ومؤثرة، مثل قوله بعد التأهل لنصف نهائي المونديال:

“لا نخاف أحدًا… جئنا إلى هنا لنصنع التاريخ.”

ما يميزه تكتيكيًا

  1. الافتكاك النظيف: يتدخل بقوة دون ارتكاب أخطاء كثيرة
  2. قراءة اللعب: يعرف أين سيذهب الخصم قبل أن يذهب
  3. التحولات السريعة: يقطع الكرة ويحوّلها لهجمة مرتدة خلال ثوانٍ
  4. الثقة بالتمرير تحت الضغط: لا يهرب من الكرة أبدًا
  5. روح المحارب: يلعب لأجل الفريق لا لنفسه

التحديات المقبلة

مع اقتراب نهاية إعارته من فيورنتينا، يواجه أمرابط مفترق طرق:

  • هل يعود إلى الدوري الإيطالي؟
  • هل ينتقل إلى فريق يمنحه دورًا قياديًا؟
  • هل يواصل مع مانشستر يونايتد في حال طلب التعاقد معه نهائيًا؟

في كل الأحوال، يملك فرصة ليُعيد التأكيد على أنه أحد أفضل محاور الوسط في جيله.

كلمة أخيرة:

سفيان أمرابط ليس اللاعب الذي يخطف الأضواء، لكنه هو من يحمي الذين يفعلون.
هو الجندي المجهول في معركة النجومية، والمقاتل الذي لا يعرف إلا شعار بلده.
وفي زمن تُقدّر فيه اللمسات الفنية، يبقى لأمرابط قيمة أخرى: قلب لا يتعب، عقل لا يخطئ، وإخلاص لا يُشترى.

مقالات ذات صلة